14 الامر بحفظ السمع والبصر
بسم الله الرحمن الرحيم.
﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ. إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾
وقال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾.
وقال تعالى: ﴿حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
قَالَ رسول الله ﷺ ﴿قُلْ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَشَرِّ بَصَرِي، وَشَرِّ لِسَانِي، وَشَرِّ قَلْبِي…﴾
عنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ: ﴿اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا﴾
شهادة السمع والبصر على الإنسان يوم القيامة:
قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ﴾
فأعضاء الجسم تشهد عليه عند خالقها يوم القيامة. فإن كنت عابداً مُسبِّحاً كانت جوارحك معك. وإن كنت غير ذلك كانت جوارحك ضدك،
الأمر بحفظ الجوارح عن الحرام وتسخيرها في طاعة الله:
كل جارحة وحاسة في الإنسان تتعلق بها أمور كثيرة من الواجبات والمندوبات والمكروهات والمحرمات وغير ذلك، فاللسان مثلا ًيتعلق به الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقراءة في الصلاة، وذكر الله، وغير ذلك مما هو واجب أو مندوب، ويتعلق به من المحرمات والمكروهات فالقذف وشهادة الزور والكذب والغيبة والنميمة وغير ذلك، وهكذا في بقية الجوارح، وهذه الجوارح نعمة من نعم الله للإنسان فواجب عليها حفظها من الحرام وإشاغلها بالطاعات. وقد ذم الله من لم يسخر هذه الجوارح في الطاعات فقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.
وقد جعل الله تعالى الإنسان مسؤولاً عن هذه الجوارح يوم القيامة وعن استعمالها فيما شرع تعالى فقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾
آداب السان
o سئل رسول الله ﷺ: أيّ المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده».
o وكان رسول الله ﷺ يقول: «أكثر خطأ ابن آدم في لسانه».
o وكان أبو بكر الصّدّيق- رضي الله عنه- يشير إلى لسانه ويقول: «هذا الّذي أوردني الموارد».
o قال عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه-: «من كثر كلامه كثر سقطه﴾.
أفات اللسان:
o الفحش والسب والبذاء، ونحو ذلك، فإنه مذموم منهي عنه، ومصدره الخبث واللؤم. وفى الحديث: “إياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش “. ” الجنة حرام على كل فاحش”.
o الغيبة، وقد ورد الكتاب العزيز بالنهى عنها، وشبه صاحبها بآكل الميتة. وفى الحديث: “إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام”.
o السخرية والاستهزاء، ومعنى السخرية: الاحتقار والاستهانة، والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك منه.
o الخوض في الباطل، وهو الكلام في المعاصي، كذكر مجالس الخمر، ومقامات الفساق. عن أبى هريرة، عن النبي ﷺ قال: ” إن العبد ليتكلم بالكلمة يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب.
o إفشاء السر، وإخلاف الوعد والكذب في القول واليمين، وكل ذلك منهي عنه، إلا ما رخص فيه من الكذب لزوجته، وفى الحرب فإن ذلك يباح.. وتباح المعاريض، لقوله ﷺ: “إن في المعاريض مندوحة عن الكذب”.
o التقعر في الكلام، وذلك يكون بالتشدق وتكلف السجع.: وعن أبى ثعلبة قال: قال رسول الله ﷺ: إن أبغضكم إلى وأبعدكم منى يوم القيامة مساويكم أخلاقاً الثرثارون المتشدقون المتفيهقون “.
o الكلام فيما لا يعنى. وفى الحديث أن النبي ﷺ قال: “من حسن إسلام المرء تركه مالا يعينه”
o المزاح، أما اليسير منه، فلا ينهى عنه إذا كان صدقاً. فإن النبي ﷺ كان يمزح ولا يقول إلا حقاً،
ومن هنا كان المسلم التقي الواعي الانتباه لكل كلمة يتفوه بها، متثبتا من كل حكم يطلقه، لا يتكلم إلا بعلم، ولا يحكم إلا بيقين. قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.